سورة النحل - تفسير تفسير المنتخب

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النحل)


        


{جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ (31) الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (32) هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (33) فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (34) وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (35)}
31- وهى جنات ثابتة للإقامة، تجرى من تحت قصورها وأشجارها الأنهار، لهم فيها ما يشاءون من النعيم، ومثل هذا الجزاء الحسن، يجزى اللَّه كل المتقين الذين آمنوا به، واتقوا ما يغضبه، وأحسنوا عملهم.
32- وهم الذين تقبض أرواحهم الملائكة، وهم طاهرون من دنس الشرك والمعاصى، وتقول الملائكة تطمينا لهم: أمان من اللَّه لكم، فلا يصيبكم بعد اليوم مكروه، وأبشروا بالجنة تدخلونها بسبب ما قدمتم من أعمال صالحة في دنياكم.
33- هؤلاء هم المتقون الذين استعدوا لآخرتهم، وذلك جزاؤهم. أما المشركون، فإنهم بعنادهم وبقائهم على شركهم، لا ينتظرون إلا الملائكة تقبض أرواحهم، وهم ظالمون لأنفسهم بالشرك وعمل الشر، ويأتيهم عذاب ربك بإهلاكهم جميعاً. ومثل ما فعل هؤلاء الكفار المعاندون، فعل الذين سبقوهم في ذلك مع أنبيائهم فعاقبهم الله على فعلهم، ولم يكن ظالماً لهم حين عاقبهم، ولكنهم هم الذين ظلموا أنفسهم حين عرضوها لعذاب الله بكفرهم.
34- فأصابهم جزاء ما عملوا من سيئات، وأحاط بهم العذاب الذي كانوا ينكرونه ويستهزئون به.
35- وقال الذين أشركوا عناداً ومغالطة: لو شاء الله أن نعبده- وحده- ونطيعه فيما يأمر به لما عبدنا غيره، ولما حرَّمنا من عندنا ما لم يحرمه، كالبحيرة والسائبة وهى حجة باطلة يستندون عليها في كفرهم. وقد احتج بها من سبقوهم من الكفار، بعد ما أرسلنا إليهم رسلنا، فأمروهم بالتوحيد وطاعة الله، ونهوهم عن الشرك وعن تحريم ما حَرَّمه الله، فقامت عليهم الحُجة، وأدى رسلنا ما أمرناهم بتبليغه، وعلينا نحن حسابهم، وليس على الرسل شيء بعد ذلك.


{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (36) إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (37) وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (38) لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ (39)}
36- ولقد بعثنا في كل أمة رسولا ليقول لهم: اعبدوا الله- وحده- واجتنبوا كل طاغية مفسد، فبلغهم وأرشدهم، ففريق استمع إلى الإرشاد وتقبله، فهداه الله بحسن استعداده إلى الطريق المستقيم، وفريق أعرض عن سماع الحق فانحرف عن سواء السبيل، فأنزل الله به العذاب. وإذا كنتم في شك من هذا- يا مشركى مكة- فسيروا في الأرض، قريباً منكم، فانظروا وتأملوا كيف حل بالمكذبين- من عاد وثمود وقوم لوط- عذاب الله، وكيف كانت عاقبة أمرهم خسراناً وهلاكاً؟!.
37- إن تكن حريصاً- أيها النبى- على هداية المشركين من قومك، باذلاً معهم أقصى ما في جهدك، فلا تهلك نفسك حزناً إذا لم يتحقق ما تريد، فقد تحكمت فيهم الشهوات، والله لا يجبر على الهداية من اختاروا الضلال وتمسكوا به، لأنه يتركهم لما اختاروا لأنفسهم، وسيلقون جزاءهم عذاباً عظيماً، ولا يجدون لهم يوم القيامة من ينصرهم ويحميهم من عذاب الله.
38- وقد أضاف المشركون إلى شركهم بالله إنكارهم ليوم القيامة، فأقسموا بالله غاية طاقتهم في القسم، وأكدوا أن الله لا يبعث من يموت وهم كاذبون في قَسَمِهِمْ، وسيبعثهم الله جميعاً، لأنه أخذ العهد على نفسه بذلك، ولن يخلف الله عهده، ولكن أكثر الناس من الكفار لا يعلمون حكمة الله في خلْق هذا العالم وأنه لم يخلقه عبثاً، ولا عن حسابه في الآخرة ومجازاته.
39- وأن من عدل الله في خلقه أن يبعثهم جميعاً بعد موتهم، فيظهر لهم حقائق الأمور التي اختلفوا فيها، ليعلم المؤمنون أنهم على حق، ويعلم الكافرون أنهم كانوا مخطئين في اتخاذهم شركاء.


{إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (40) وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (41) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (42) وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43) بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (44)}
40- وليس بعث الناس يوم القيامة بعسير علينا حتى يستبعده هؤلاء الكفار، لأننا إذا أردنا شيئاً لا يحتاج إيجاده إلا أن نقول له: كن. فيكون كما نريد.
41- والمؤمنون الذين هاجروا من ديارهم لوجه الله تعالى، وإخلاصاً لعقيدتهم، من بعد ما وقع عليهم الظلم والعذاب من المشركين، لنُعوّضهم في الدنيا على إخلاصهم واحتمالهم للعذاب، حياة طيبة حسنة لا تأتى إلا بالجهاد، وسيكون أجرهم يوم القيامة أكبر، ونعيمهم في الجنة أعظم، لو كان المخالفون لهم يعلمون ذلك لما ظلموهم وظلموا أنفسهم.
42- وهؤلاء المهاجرون هم الذين صبروا على ما تحملوه من عذاب في سبيل عقيدتهم، وفوضوا أمرهم إلى الله- وحده- غير مبالين بما سواه، ومن أجل هذا أحسنا لهم الجزاء.
43- وما أرسلنا إلى الأمم السابقة قبل إرسالك إلى أمتك- أيها النبى- إلا رجالاً نوحى إليهم بما نريد تبليغه لهم، ولم نرسل ملائكة كما يريد كفار قومك، فاسألوا- أيها الكافرون- أهل العلم بالكتب السماوية، إن كنتم لا تعلمون ذلك، فستعرفون أن رسل الله جميعاً ما كانوا إلا رجالاً لا ملائكة.
44- وقد أيدنا هؤلاء الرسل بالمعجزات والدلائل البينة لصدقهم، وأنزلنا عليهم الكتب تبين لهم شرعهم الذي فيه مصلحتهم، وأنزلنا إليك- أيها النبى- القرآن لتبين للناس ما اشتمل عليه من العقائد والأحكام، وتدعوهم إلى التَّدبر فيه، رجاء أن يتدبروا فيتعظوا ويستقيم أمرهم.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8